اليمن .. أزمة الجوع الخطره / بقلم / إلين نيكماير

[حد من الوادي]

اليمن .. أزمة الجوع الخطره

2011/07/26 الساعة 18:16:32

إلين نيكماير

اليمن أمه محاصرة تعاني كدح العيش للعثور على أبسط مقومات الحياة " الغذاء والماء" في الوقت الذي انصب فيه اهتمام العالم حول الرئيس علي صالح واحتفاظه بالسلطه..

ففي مدينة تعز التي تُعد واحدة من المدن التي اندلعت فيها الثورة اليمنية المطالبة باسقاط نظام صالح، تحتل القوات المواليه لصالح بالدبابات العسكريه المستشفى الرئيسي في المدينه وتتخذها ثكنة عسكريه تقصف منها الاحياء السكنية في المدينة الامر الذي ادى الى هلع المرضى وهروبهم من المستشفى..

وفي ظل الازمة السياسية في اليمن فقد ارتفعت اسعار المواد الغذائيه.. ونتيجة انعدام المياه وارتفاع تكلفة الحصول على الماء لجأت الاسر الفقيرة الى شرب مياه الأمطار وغيرها من مصادر المياه الملوثة.. واكدت تقارير بتفشي وباء الكوليرا.. كما ان معظم الاسر عادت الى قراها هرباً من الجوع.. فاشهُر من أزمة سياسية خانقة واستنزاف المدخرات والمخزونات من اليمنيين أكثر وأكثر..

يقول "علي عبدالله قاسم" لا يوجد عمل ولا ماء ولا كهرباء ولا أمان.. عندما أنام انا وعائلتي فلست متأكدا إذا كنا سنعيش حتى الصباح، وذلك بسبب القصف المدفعي على المنازل والاحياء السكنية وإطلاق الرصاص طوال الليل .. علي قاسم البالغ من العمر 44 عاماً هو أب لثلاثة أطفال يقيم في تعز.. أضاف قائلاً " ان العالم بأسره يراقب ما يحدث لنا في تعز.. ولكن ليس هناك من يحتج"..

ليس من المستغرب ان حكومة صالح بقيادة ابنه وابناء اخيه المسؤولون عن القوات الأمنية ان يضاعفوا من معاناة اليمنيين المدنيين .. فصالح الذي استمر حكمه مايزيد عن الثلاثة عقود دفع بالبلاد الى حالة الفوضى متجاهلاً الاحتياجات الاساسية لشعبه..

وما يثير الدهشة هو أن المجتمع الدولي علقّ مساعدات التنمية في محاولة للضغط على صالح للوفاء بتعهداته والتخلي عن السلطه .. متناسيا "المجتمع الدولي" المساعدات الإنسانية للمدنيين المحاصرين في اليمن .. مما يعطي إنطباع بأن المجتمع الدولي نفسه يستخدم الجوع والعطش كأدوات سياسية للضغط على هذا الشعب..

مايحدث في اليمن ليس مجرد أزمة سياسية... نحن امام أزمة إنسانية مرعبه..

وسائل الإعلام الدولية تسلط الضوء على القوى السياسية في اليمن وتحصر الحدث بين نظام صالح العنيد وانصاره وبين معارضين يسعون للاطاحة به .. مع اعطاء تغطية باهته محدودة لمحنة المدنيين المتفاقمة ..

ملامح الصراع في اليمن يتجسد في صالح وقوات الأمن الموالية له والتي تقودها عائلته، ومعارضه تطالب بالاطاحة بالنظام .. هناك شباب الثوره السلميين ، القوى القبلية ، الانفصاليين في الجنوب والمتمردين في الشمال.. الولايات المتحده التي دعمت صالح باعتباره حليف قوي لمحاربة تنظيم القاعده في اليمن انضمت مؤخراً إلى النادي المطالب باسقاط النظام..

فالصراعات السياسية في اليمن وصلت الى طريق مسدود يوم 3 يونيو، عندما انفجرت قنبلة بصالح مسببة له جروح بالغة في محاولة الاغتيال (حادث النهدين الذي مايزال الغموض يكتنفه) التي استهدفت صالح مع كبار مسؤوليه ..

كبار المسؤولين في حكومة صالح يذهبون لتلقي العلاج إلى المملكة العربية السعودية.. وطوال فترة حكم صالح لم يكلفوا أنفسهم بتوفير الحد الادنى من الرعاية الصحية التي يفتقدها السواد الاعظم من الناس في اليمن.. وتقدر منظمة الصحة العالمية ان المسؤولين نهبوا مايزيد عن نصف المبالغ المخصصة للرعاية الصحية..

وكان جون برينان (مستشار الرئيس اوباما لمكافحة الارهاب) قد زار صالح في غرفته في مستشفى بالعاصمة السعودية الرياض ودار النقاش حول تنحي صالح عن السطة في اليمن والذي سيضمن تتدفق المساعدات على اليمن..

يقول كارلو تشيري (المدير القطري لبرنامج الاغذية الوطني) " ان برنامج الحصص التموينية لإبقاء الفتيات في المدرسة لم يقدم المانحون الدوليين سوى 30 في المئة من التمويل اللازم للبرنامج".

إذا كان المجتمع الدولي يرغب في مساعدة اليمن ولمنع تدهور الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية في اليمن، فان واحد من أفضل الأشياء التي يمكن القيام بها هو "دعم الأمن الغذائي"..

وبالطبع، فإن المدنيين يعانون ويموتون في الثورات الأخرى في العالم العربي.. الفرق في اليمن هو أن هناك مدنيين يعيشون بالفعل على حافة الهاوية نتيجة لفساد نظام الرئيس صالح.

وقال كابيليري" حتى قبل الأزمة السياسية واليمن فيه أعلى معدل سوء التغذية للأطفال في العالم"..

60% من اطفال اليمن يعانون من سوء التغذية، وهو معدل أسوأ من معظم دول أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى، كما ان 7 ملايين من السكان يعيشون على وجبة واحدة يومياً..

الصراعات المسلحة التي تفاقمت أدت الى تشريد الآلاف ، وتوقفت كذلك الرعاية الصحية.. منذ الأزمة السياسية في اليمن، أوقفت السلطات امدادات الوقود في البلاد، مما ادى الى ارتفاع سعر الخبز بنسبة 60 في المئة وارتفع سعر المياه الى 400 في المئة..

اليمن .. البلد الأكثر خصوبة في شبه الجزيرة العربية عاصمته مهددة بان تكون اول عاصمه في العالم تجف فيها المياه..

" أنت تريد ثورة ، وتريد تغيير إذهب واشرب من البحر" هكذا قيل لـ عبدالله عندما ذهب الى مؤسسة مشروع المياه بحثاً على الماء.

عبد الله فقد عمله بسبب الظروف الحالية التي تمر بها البلد .. ولم يعد قادراً على ايجاد عمل بديل.. يقوم هو وعائلته بتخزين مياه الامطار ، أو يقوم بارسال اولاده الى مشروع المياه لجلب المياه ..

في صنعاء ، أكثر من 50 أو 60 في المئة من الناس الذين عاشوا وعملوا في المدينة عادوا الى قراهم بسبب الارتفاع في الأسعار ..

'' هناك الكثير من الجلد والقدرة على التحمل لدى اليمنيين .. ولكن من الواضح انه سيكون في كل يوم المزيد من المعاناة ".

*متخصصة في الشؤون اليمنية

المصدر : مجلة ذا دايلي بيست / ترجمة خاصة بالتغيير / منال القدسي