(( علي بن حسن ومدينة ريبون العاديه ))

[جمال العطاس]

مدينة ريبون العاديه (نسبه الي قوم عاد ) هي من اعظم المدن التي سكنها قوم عاد . وتقع هذه المدينه غربي (المشهد ) على يمين الداخل الي وادي دوعن. وهي مدينه عظيمه دفن معظمها تحت اكوام التراب. وقد سبق ان ازيل عنها جزء كبير من التراب في العام 1980ميلادي تقريبا باشراف ادارة الاثار بمحافظة حضرموت .

سبق لي ان زرتها في العام 1982وشاهدت فيها من الاثار ومن عظمة بناء هذه المدينه مايدهش الزائر حقا.ففيها جدرا مبنيه بالحجر الصم يبلغ طول بعض احجارها الي170سم وارتفاع100سم وعرض 70سم (قياسات تقريبيه). ويوجد بها مجاري للمياه مبنيه بالحجر بأحجام مذهلة.
والاغرب من ذلك كله انه يوجد بها درجاً واظنه في احد طرقاتها يبلغ ارتفاع الدرجه الواحده اكثر 70سم.
وجميع الاحجار المستخدمه في البناء مقطوعه قطعا محكما باستواء وكأنه كان لديهم من الآت القطع المتطوره . فالناظر إلى اطلالها وطرقاتها يتبادر الي ذهنه عظمة هؤلاء البشر وقدرتهم وبأسهم الشديد ولك ان تتخيل هيئاتهم وعِظم خلقتهم .

قبل زيارتي لها كنت قد قراءت قصيده للامام/علي بن حسن العطاس رحمه الله في ديوانه الحميني المسمى (قلائد الحسان وفرائد اللسان) الجزء الاول . هذه القصيده جعلتني متلهفا لزيارة هذه المدينه
وقد رسم الامام علي بن حسن العطاس لمن لم يزر هذه المدينة لوحة شعريه معبرة بأسلوبه الرائع.فأترككم لوصف هذا الامام الجليل لهذه المدينه الجباره . وحتما سيكون وصفه رحمه الله شعرا ابلغ . من نثر اي ناثر تعالوا نقراء ماقاله الامام :

ياناس من سار في ريبون شاف العجب"="فيها مباني قويه من نظرها اشتغب
واكثر اليها النظر ثلّث وربّع وغب"="والحاصل انه يحيرك امرهم في عجب
على الحجر يقطعونه مثل قطع الكرب"="حكّمه بانيهم الصانع وفيه الشلب
اما نقش فيه والا قط والا كتب"="حقيق ذولاك مايقتلهم الا غضب
كم سرت في الارض ماشي مثلها في الترب"="وظني انها مدينة الارض في ذا الجنب
شبام شارع ودونه سوقها والخبب"="وبيرها عشره أذرع لي حفر ماتعب
وحصنها حيد شامخ في وسطها انتصب"="قلبي وحل كيف مبناه القوي اخترب
سبحان رب البرايا خير مالك ورب"="سبحانه المبدي المعدم ومحيي الترب
قد صب مخلوق من بزقه بقدرته صب"="والآن انا مفتكر عندي بوادي شغب
قلبي يخاطب لسان الحال حلو الخطب"="وينشد انشاد ينشد منها من نجب
ويعتني في عناها من تقرب وحب"=" ياحصن ريبون خبّرنا بعلم العرب
وهات لي من عجايب وقتهم ذي غرب"="ذي خيموا فيك يوم الديوله والطنب
وكيف حاذقهم الشيبه ومن كان شب"="وراعي السَرج والشاوي ومولى القتب
واهل القناصات ذي هم يتبعون الخيب"="واهل الحراثات بالثيران صفر العصب
كم راس فيهم بعيد النّو ماهو ذنب"="يسخى بماله ويرقى عاليات الرتب
والبيض ذي كنهن بين المباني قلب"="ملاح الاوصاف مايوجد كماهن ولب
غوالي الوصل كم عاشق تلف وانقطب"="كيف الخبر في هليكتهم وكيف السبب
قال انهم عمروا الدنيا بطول الرغب"="وفاش فيها خصيب الخصب والخير صب
وجاهم الناصح الداعي من الله ولب"="عصوه واقصوه والقوا فيه فعل العطب
عاقبهم الله بصرصر قطّعتهم جُبب"="كم حصن عالي تداعى فوقهم وانكثب
صم البناء كامل القوه وفيه الورب"="كم كابدوا من حِكَم بنيانها من نصب
صارت خرابه كما ربك عليهم كتب"=" من شافها في ظلام الليل منها هرب

رحمك الله يا امام وصفت بأسهم وقدرتهم على البناء واحتمال المشقه وديولتهم وقناصاتهم وحراثاتهم وجميلاتهم وشرحت لنا اسباب هليكتهم وكيفية عقابهم.
قصيده للامام الشاعر رحمه الله فيها هذا الوصف وفيها التحذير لكل من عمر الدنيا ونسي آخرته وطغى وتكبر. رحمة الله عليك ولنا موضوع آخر وقصيده..
ولكم تحياتي !!!!
جمال العطاس