![]() |
#1 | ||||||
شخصيات هامه
![]()
![]() |
![]()
عقيدة الشيخ محيي الدين ابن العربي كما ذكرها الإمام عبدالوهاب الشعراني رحمهما الله تعالى
قال الشيخ محيي الدين ابن العربي رضي الله عنه بعد مقدمة مختصرة : ( فيا أخواني ويا أحبابي رضي الله عنا وعنكم : أُشهدكم أني أشهد الله تعالى , وأشهد ملائكته وأنبياءه , ومن حضر من الروحانيين أوسمع , أني أقول قولاً جازماً بقلبي : أن الله تعالى إله واحدٌ لاثاني له , منزّهٌ عن الصاحبة والولد , مالك لاشريك له , ملك لاوزير له , صانع لا مدبّر معه ,موجود بذاته من غير إفتقار إلى موجد يوجده , بل كل موجود مفتقر إليه في وجوده , ولانهاية لبقائه , بل وجوده مطلق قائم بنفسه , ليس بجوهر فيقدر له مكان , ولابعَرض فيستحيل عليه البقاء , ولا بجسم فيكون له الجهة والتلقاء , مقدّس عن الجهات والأقطار , استوى على عرشه كما قال وعلى المعنى الذي أراده , كما ان العرش وماحوى به استوى وله الآخرة والأولى , ليس له مثل معقول , ودلت عليه العقول , لايحدّه زمان , ولا يحويه مكان , بل كان ولا مكان , وهو الآن على ماعليه كان , لأنه خلق المتمكن والمكان , وأنشأ الزمان , وقال : أنا الواحد الذي لايؤوده حفظ المخلوقات . ولاترجع إليه صفة لم يكن عليها من صفة الصنوعات , تعالى الله أن تحلّه الحوادث أو يحلها , أو تكون قبله أو يكون بعدها , بل يقال كان ولا شئ معه , إذ القبل والبعد من صيّغ الزمان الذي أبدعه , فهو القيّم الذي لاينام , والقهّار الذي لايرام , ليس كمثله شئ وهو السميع البصير , خلق العرش وجعله حد الإستواء , وأنشأ الكرسي وأوسعه الأرض والسماء , اخترع اللوح والقلم الأعلى , وأجراه كما يشاء بعلمه في خلقه إلى يوم الفصل والقضاء , أبدع العالم على غير مثال سبق , وخلق الخلق وأخلق بالذي خلق , أنزل الأرواح في الأشباح أمناء , وجعل هذه الأشباح المنزلة إليها الأرواح في الأرض خلفاء , وسخّر لها مافي السموات والأرض جميعا منه , فلا تتحرك ذرة إلا به وعنه .خلق الكل من غير حاجة إليه , ولا موجب أوجب ذلك عليه , لكن علمه سبق فلابد أن يخلق ماخلق , فهو الأول والآخر , والظاهر والباطن , وهو على كل شئ قدير , أحاط بكل شئ علما , وأحصى كل شئ عددا , يعلم السّر وأخفى , يعلم خائنة الأعين وماتخفي الصدور , كيف لايعلم شيئا هو خلقه , ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير , علم الأشياء قبل وجودها , ثم أوجدها على حدّ ماعلمها , فلم يزل عالما بالأشياء لم يتجدد له علم عند تجدد الإنشاء , بعلمه أتقن الأشياء وأحكمها , وبه حكم عليها من شاء وحكمها , علم الكليات على الإطلاق , كما علم الجزئيات بإجماع , فهو عالم الغيب والشهادة , فتعالى عما يشركون . فعّالٌ لما يريد , فهو المدبّر للكائنات , في عالم الأرض والسموات , لم تتعلق قدرته تعالى بإيجاد شئ حتى أراده , كما أنه لم يرده حتى علمه , إذ يستحيل في العقل أن يريد مالم يعلم , أو يفعل المختار المتمكن من ترك ذلك الفعل مالا يريده , كما يستحيل أن توجد هذه الحقائق من غير حي , كما يستحيل أن تقوم هذه الصفات بغير ذات موصوفة بها , فما في الوجود طاعة ولاعصيان , ولاربح ولا خسران , ولا عبد ولا حر , ولا برد ولا حر , ولا حياة ولاموت , ولا حصول ولا فوت , ولا نهار ولا ليل , ولا إعتدال ولا ميل , ولا بر ولا بحر , ولا شفع ولا وتر , ولا جوهر ولا عَرَض , ولا صحة ولا مرض , ولا فرح ولاترح , ولا روح ولا شبح , ولا ظلام ولا ضياء , ولا أرض ولا سماء , ولا تركيب ولا تحليل , ولا كثير ولا قليل , ولا غداة ولا أصيل , ولا بياض ولا سواد , ولا سهاد ولا رقاد , ولا ظاهر ولا باطن , ولا متحرك ولا ساكن , ولا يابس ولا رطب , ولا قشر ولا لب , ولا شئ من المتضادات والمختلفات والمتماثلات إلا وهو مراد للحق تعالى , وكيف لايكون مرادا له وهو أوجده , فكيف يوجد المختار مالا يريد ! لارادّ لأمره , ولا معقّب لحكمه , يؤتي الملك من يشاء , وينزع الملك ممن يشاء , ويعز من يشاء , ويذل من يشاء , ويهدي من يشاء ويضل من يشاء , ماشاء الله كان , ومالم يشاء لم يكن , لو اجتمع الخلائق كلهم على أن يريدوا شيئا لم يرده الله تعالى لهم أن يريدوه ما أرادوه , أو أن يفعلوا شيئا لم يرد الله تعالى إيجاده وأرادوه مافعلوه ولا استطاعوا ذلك ولا أقدرهم عليه , فالكفر والإيمان , والطاعة والعصيان , من مشيئته وحكمه وإرادته , ولم يزل سبحانه وتعالى موصوفاً بهذه الإرادة أزلاً , والعالم معدوم , ثم أوجد العالم من غير تفكير ولا تدبّر عن جهل فيعطيه التدبر والتفكّر علم ماجهل , جل وعلا عن ذلك , بل أوجده عن العلم السابق , وتعيين الإرادة الأزلية , القاضية على العالم بما أوجده عليه من زمان ومكان والوان , فلا مريد في الوجود على الحقيقة سواه , إذ هو القائل سبحانه : ( وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ)(الانسان: من الآية30) .. وإنه تعالى كما علم فأحكم , وأراد فخص , وقدّر فأوجد ,كذلك سمع ورأى ماتحرك وسكن , أو نطق في الورى ,من العالم الأسفل والأعلى , لايحجب سمعه البعد فهو القريب , ولا يحجب بصره القرب فهو البعيد , يسمع كلام النفس في النفس , وصوت المماسة الخفية عند اللمس , يرى سبحانه السواد في الظلماء , والماء في الماء , لايحجبه الإمتزاج , ولا الظلمات ولا النور , وهو السميع البصير . تكلم سبحانه وتعالى لا عن صمت متقدم , ولا سكون متوهم بكلام أزلي كسائر صفاته من علمه وإرادته وقدرته , كلّم به موسى ( عليه السلام ) سمّاه التنزيل والزبور والتوراة والإنجيل والفرقان من غير تشبيه ولا تكيّف , فكلامه سبحانه وتعالى من غير لهاة ولا لسان , كما أن سمعه من غير أصمخة ولا آذان , كما أن بصره من غير حدقة ولا أجفان , كما أن إرادته من غير قلب ولا جنان , كما أن علمه من غير إضطرار ولا نظر في برهان , كما أن حياته من غير نجار تحريف قلب حدث عن إمتزاج الأركان , كما أن ذاته لا تقبل الزيادة والنقصان , فسبحانه من بعيد دان , عظيم السلطان عميم الإحسان , جسيم الإمتنان . كل ماسواه فهو عن جوده فائض , وفضله وجوده وعدله الباسط له والقابض , أكمل صنع العالم وأبدعه حين أوجده واخترعه , لاشريك له في ملكه ولا مدبّر معه فيه , إن أنعم فنعّم فذلك فضله , وإن أبلى فعذّب فذلك عدله , لم يتصرف في ملك غيره فينسب إلى الجور والحيف , ولا يتوجه عليه لسواه حكم فيتصف بالجزع لذلك والخوف , كل ماسواه فهو تحت سلطان قهره , ومتصرف عن إرادته وأمره , فهو الملهم نفوس المكلفين التقوى والفجور , وهو المتجاوز عن سيئات من شاء هنا وفي يوم النشور , لايحكم عدله فضله , ولا فضله عدله , أخرج العالم قبضتين , وأوجد لهم منزلتين , فقال : هؤلاء للجنة ولا أبالي , ومؤلاء للنار ولا أبالي , ولم يعترض عليه معترض هناك , إذ لاموجود كان ثمّ سواه , فالكل تحت تصريف أسمائه , فقبضته تحت أسماء بلائه , وقبضته تحت أسماء آلائه , ولو أراد الله سبحانه العالم كله سعيدا لكان , أو شقيا لما كان في ذلك من شأن , لكنه سبحانه لم يرده فكان كما أراد , فمنهم الشقي والسعيد هنا وفي يوم المعاد . فلاسبيل إلى تبديل ماحكم عليه , وقال تعالى : هن خمس وهن خمسون , (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) (قّ:29) لتصرفي في ملكي , وإنفاذ مشيئتي في ملكي , وذلك لحقيقة عميت عنها البصائر , ولا تعثر عليها الأفكار والضمائر , إلا بوهب إلهي , وجود رحماني لمن إعتنى الله تعالى به من عباده وسبق له ذلك من حضرة إشهاده , فعلم حين أعلم أن الألوهية أعطت هذا التقسيم , أنها من دقائق القديم , فسبحان من لا فاعل سواه , ولا موجود بذاته إلا إيّاه , والله خلقكم وماتعملون , ولا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون , فلله الحجة البالغة , ولو شاء لهداكم أجمعين . وكما أشهدتُ الله تعالى , وملائكته , وجميع خلقه , وإيّاكم على نفسي بتوحيده , فكذلك أشهده تعالى وملائكته وجميع خلقه وإياكم على نفسي بالإيمان بمن اصطفاه الله واختاره واجتباه من خلقه , وهو سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم , الذي أرسله إلى الناس كافة بشيرا ونذيرا , وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا , فبلّغ صلى الله عليه وآله وسلم ماأنزل من ربه إليه , وأدّى أمانته ونصح أمته , ووقف في حجة الوداع على من حضره من الأتباع , فخطب وذكّر وخوّف وحذّر , ووعد وأوعد , وماخصّ بذلك التذكير أجداً دون أحد , عن إذن الواحد الصمد . ثم قال : ألا هل بلّغت ؟ قالوا : بلّغت يارسول الله . فقال صلى الله عليه وآله وسلم : اللهم اشهد . وإني مؤمن بما جاء به صلى الله عليه وآله وسلم مماعلمت به ومما لم أعلم , فمما جاء به وقرر الموت عن أجل مسمّى عند الله إذا جاء لايؤخر , فأنا مؤمنٌ بهذا إيمان لا ريب فيه ولا شك , كما آمنت وأقررت أن سؤال فاتني القبر حق , والعرض على الله حق , والحوض حق , وعذاب القبر حق , ونصب الميزان حق , وتطاير الصحف حق , والصراط والجنة حق , والنار حق , وفريقاً في الجنة وفريقاً في السعير حق , وكرب ذلك اليوم على طائفة حق , وطائفة لايحزنهم الفزع الأكبر حق , وشفاعة الملائكة والنبيين والمؤمنين وشفاعة أرحم الراحمين حق , وجماعة من أهل الكبائر يدخلون جهنم حق , ثم يخرجون منها بالشفاعة حق , والتأبيد للمؤمنين في النعيم المقيم , والتأبيد للكافرين والمنافقين في العذاب الأليم حق , وكل ما جاءت به الكتب والرسل من عند الله عُلِمَ أو جُهِلَ حق .. ثم قال رضي الله عنه : ( هذه شهادتي على نفسي أمانة عند كل من وصلت إليه يؤديها إذا سُئلها حيثما كان , نفعنا الله وإيّاكم بهذا الإيمان ,وثبّتنا عليه عند الإنتقال إلى الدار الحيوان , وأحلّنا دار الكرامة والرضوان , وحال بيننا وبين دارٍ سرابيل أهلها القطران , وجعلنا من العصابة التي أخذت الكتاب بالأيمان,وممن انقلب من الحوض وهو ريّان , وثقل له الميزان , وثبت منه على الصراط القدمان , إنه نِعم المنعم المحسان , آمين آمين ) .. رحم الله الشيخ وأسكنه فسيح جناته وتغمده بالرحمة الواسعة !! اللهم أرحم جميع المسلمين . وأرحم جميع علماء الأمة وانفعنا بعلومهم اللهم اجعلنا ممن يوقرون جميع العلماء ويجلّونهم ويحبونهم !! اللهم اجعلنا ممن يحسنون الظن بك وبخلقك جميعاً ياكريم !! |
||||||
التعديل الأخير تم بواسطة جمال العطاس ; 12-07-2003 الساعة 10:30 PM |
|||||||
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
إمام الحرم الشيخ علي عبدالله بن علي جابر | سالم اليمان | سقيفة إسلاميات | 3 | 08-13-2011 10:52 PM |
الحضارم الذين تولو الأفتاء والتدريس بالحرمين الشريفين | سجل انا عربي | تاريخ وتراث | 11 | 08-10-2011 05:26 PM |
صدر موخرا | فهمي احمد بن سلم | مكتبة السقيفه | 2 | 05-06-2011 08:45 PM |
ملف القومية العربية (3) : الثورة العربية - الشعوبية الفارسية الإيرانية | نجد الحسيني | سقيفة الحوار السياسي | 2 | 01-08-2011 07:31 PM |
الحضارم السلفيون | ابوسعدالنشوندلي | سقيفة إسلاميات | 0 | 12-12-2010 02:24 PM |
|